نقول لأنفسنا: “لا داعي للكلام الآن”، “سيمرّ الأمر”، “ليس مهمًا”… ونُسكت أصواتنا. نكبت مشاعرنا، نُخفي آراءنا، ونؤجل كلمات كان يجب أن تُقال في وقتها. لكن، هل صمتنا هذا يُنقذنا حقًا؟ أم يُثقلنا بصمتٍ آخر… داخلي؟

الصمت أحيانًا حكمة. يمنع شجارًا، يُجنّب وجعًا، يمنح فرصة للتأمل. لكنه حين يتحوّل إلى عادة، يصبح سجنًا. صمتنا عن التعبير قد يُراكم الغضب، ويخلق مسافات بيننا وبين من نحب. وحين لا نتكلم، لا يعني أن الأمور بخير… بل يعني أننا اخترنا الصمت لأننا فقدنا الأمل في الفهم.

في العلاقات، الصمت الطويل يُربك. الكلمات الغائبة تُفسَّر بطرق خاطئة. والمشاعر المكبوتة تنفجر في غير وقتها، وبغير طريقة. كم علاقة انتهت لأنها لم تُعطَ فرصة للكلام الصادق؟ وكم شخصًا تغير فقط لأنه لم يُسمع؟

وفي العمل، في الصداقة، في العائلة… عدم قول ما نشعر به يجعلنا غير مرئيين. كأننا نختار أن نختفي ببطء، حتى عن أنفسنا.

التعبير لا يعني المواجهة، بل يعني الاحترام: احترام الذات، واحترام الآخر. هو جسر للتواصل، لا سيف للصراع. هو حقك في أن تُفهم، وفي أن تكون حاضرًا بكلماتك، لا فقط بصمتك.

إذا كان الصمت مريحًا مؤقتًا… فالكلام الصادق شفاء دائم. قل ما تشعر، بلطف… ولكن لا تبتلع صوتك.